السلام عليكم
5:444444444:
تخشى الإحباط؟ هل لديك خبرات سيّئة عن أمور كنت تأمل بأن تنجح فيها لكنك مع الأسف فشلتْ؟
تقول كلمة الله في الكتاب المقدس، في رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس 1: 7.
الكلمة المترجمة "فشل" في اللغة العربية، تعني في لغة الرسالة الأصلية "الخوف". لكن يمكن ترجمتها فشل، وهذا يتطابق مع مقولة "إنَّ الخوف من الفشل هو الفشل الحقيقي". فالله، بدلاً من روح الخوف من الفشل أعطانا روح القوة والمحبة والنُّصح. وعلى أساس هذه العناصر الثلاث، يمكننا تقديم النّصائح التّالية للتغلُّب على الخوف من الفشل:
1 ـ تحرّك للأمام: الكلمة المترجمة "القوّة" في الآية السابقة هي كلمة Dunamiios أو "دوناميؤس"، وتعني "الديناميكية" أي التحرُّك للأمام، أي أن تتخِّذ خطوات جسورة، تفعل شيئاً جديداً جريئاً. فالخوف من الفشل يشلّ الإنسان ويؤدي للفشل الحقيقي، أمّا التحرُّك للأمام بشجاعة فيعطيك القدرة على تغيير الظروف. يتساءل الواعظ الشهير د. روبرت شوللر قائلاً: "افترضْ جدلاً أنك لن تفشل أبداً في أي شيء تفعله، فما الذي سوف تختار أن تفعله؟ فكِّر قليلاً ... إذا وجدت شيئاً، افعله، إذا لم ينجح، فافعل شيئاً آخَر!". ما هي الأشياء الجريئة التي تستطيع أن تفعلها؟ تبحث عن عمل جديد؟ تلتحق بدراسة جديدة؟ تتعلّم مهارة جديدة غير تقليدية؟ تسافر لمكان جديد؟ تحاول مرة أُخرى في علاقة حكمتَ عليها بالفشل؟ تجرِّب التوقُّف عن عادة يئِستَ من محاولة التوقُّف عنها؟
2 ـ ثابر: الأشخاص النّاجحون في الحياة هم الذين لا يصابون باليأس. كلمة الله في رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 4: 1.
"لا نفشل" هنا لا تعني أنّنا لا نتعرّض للإخفاق، بل تعني أنّنا لا نيأس. حتى لو أصابنا شعور باليأس في يوم ما، نقوم ونواصل المسيرة، لا نتوقّف. في الترجمة العربية المشتركة (للكتاب المقدس) تأتي هذه الآية على الشكل التالي: "والله برحمته أعطانا هذه الخدمة، فلا نتوانى فيها". عندما تجرِّب شيء وتفشل، جرِّب طريقة أُخرى، لا تتوانى أو تفقد عزيمتك. من المقولات الشهيرة لِ "توماس إديسون" مخترع المصباح الكهربائي، بعد أن جرّب عشرة آلاف نموذج فاشل للمصباح قال: "أنا لم أفشل، لكنّي نجحت في اكتشاف عشرة آلاف طريقة لا تصلُح لعَمَل المصباح الكهربائي". هل أوشكتَ على اليأس من أمر ما؟ أُطلب رحمة جديدة من الله وأَعِد المحاولة!. للأسف يتوقف كثيرون وهُم على مشارف النّجاح.
3 ـ المحبّة دواء الخوف: بالإضافة إلى روح القوّة التي تجعلنا نتحرّك للأمام ونثابر، يعطينا الله أيضاً روح المحبة التي تطرح كل أنواع الخوف إلى الخارج بما في ذلك الخوف من الفشل. النّجاح في العلاقات أهمّ من التفوُّق والإنجاز. الاستقرار الحقيقي يأتي من علاقة مستقرّة مع الله والناس، ومن محبة وقبول هادئ للنَّفْس. لا شيء يطرد الخوف من حياتك سوى علاقة حميمة مع الله كأبٍ محبٍّ يقبلك باستمرار ويتواصل معك بحنان، أيضاً العلاقات الإنسانية الطيِّبة تجعلك تشعر بالأُنس والرِّفقة والأمان. الإنجاز قد يزيد من إعجاب الناس وتقديرهم لك، لكن الأمان الحقيقي يأتي من العلاقات والمعاملات الطيِّبة. العلاقات الطيِّبة تشكِّل أرضية ثابتة تقف عليها أرجُلنا، فلا نحلِّق في السماء إذا نجحنا، ولا ندفن أنفسنا تحت رمل الأرض إذا فشلنا، بل يكون لنا تقييماً مستقرّاً لأنفسنا. هل يمكنك أن تصرخ إلى الله إذا انقلَبتْ أعمدة النّجاح من حولك؟ هل لديك شبكة من العلاقات الحميمة ذات معنى، يمكنك فيها أن تعبِّر بحرية عن مشاعرك وتجد من يسمعك ويهتم بك؟ إن كان لديك مثل هذه الشبكة، حافظ عليها، فهي حماية لك من أن يكون النّجاح أوالإنجاز الطريقة الوحيدة التي تجد من خلالها معنى للحياة. وإن لم يكن لديك مثل هذه الشبكة، فمن المهم أن تعمل على إيجادها في حياتك.
4 ـ افهم المعنى الحقيقي للنّجاح: الله يعطينا أيضاً روح النُّصح، أي العقل الرّاجح الذي يفهم ما هو النجاح الحقيقي. فلا نستسلم لأوهامنا السِّحرية عن النجاح.
أ. النّجاح مشوار: لا يُقاس النجاح بصورة مطلقة. ليس النجاح ما قد وصلنا إليه الآن ولكنه مقدار ما تحرّكنا للأمام بالمقارنة مع الأمس. إن كنت تتقدم للأمام ثلاث خطوات ثم تتقهقر خطوتان، فقد تقدّمت خطوة للأمام، أنت إذاً شخص ناجح!. قد لا تلاحظ نجاحك وتغييرك، لكن من هم حولك يلاحظونه أكثر منك.
ب. النّجاح في الحياة له مواسم: قد يحدث في حياتك نجاح وتقدُّم للأمام لم يظهر بعد على السطح، كتراكُم خبرة، أو تعلُّم من أخطاء الآخرين، وأن تقضي وقتاً في المشاهَدة والملاحظة والاستيعاب. بعد ذلك، يأتي وقت يُفتَح فيه أمامك باب ما، بشكل مفاجئ، فتجد نفسك وقد انطلقت للأمام، المهم أن تستغلّ كل فرصة أمامك لتتعلّم شيئاً جديداً.
ج. النّجاح يُقاس بنوع الخامة التي معك: من يصنع تمثالاً صغيراً من حجر أكثر نجاحاً ممّن يصنع تمثالاً ضخماً من طين. القياس العادل للنجاح يضع في اعتباره الظروف المحيطة. من يُكمِل تعليمه في ظروف أُسَريّة صعبة، أنجح ممّن يتفوّق في ظروف أُسَريّة مثالية. من يحافظ على عمله بالرّغم من تحدّيات المرض أنجح ممّن ينال تَرقية في ظلّ ظروف سهلة.
هـ. النّجاح الحقيقي هو أن تعرف مواهبك وإمكانياتك وتستغلّها: الشخص الناجح هو الذي لا يضيّع وقته ومجهوده محاولاً أن يكون شخصاً آخر، وإنما يجتهد ليعرف من هو ويستثمر إمكانياته أفضل استثمار لتحقيق دعوته الفريدة في الحياة.
لديك مواهب وقدرات ربما لا تكون موجودة عند غيرك، هذه هي فرصتك لكي تكون شخصاً فريداً وتُقدِّم للحياة شيئاً فريداً لا يستطيع سواك تقديمه. ليس من الضروري أن تكون لديك مواهب نادرة لكي تكون شخصاً نافعاً في الحياة، لكن المهم هو أن تكتشف المواهب الموجودة عندك وتستخدمها.